بمناسبة عيد المرأة العالمي اقام قسم العلوم التربوية والنفسية / كلية التربية للعلوم الصرفة / ابن الهيثم ندوة بعنوان
الفلسفة والمرأة
وذلك في يوم الثلاثاء الموافق 8 / 3 /2016 وعلى قاعة الدراسات العليا في القسم
والقى الاستاذ الدكتور حازم سليمان الناصر بحثه الموسوم بـ الفلسفة والمرأة والذي تضمن ثلاثة محاور اساسية :
المحور الاول : الفلسفة ماهيتها ، حقولها ، تياراتها
المحور الثاني : موقف الفلسفة من المرأة عبر التاريخ
المحور الثالث : نساء فلاسفة
المحور الاول : ان كانت الفلسفة حب الحكمة فهي ام العلوم دون منازع وهي التي انجبت من رحمها كل المعارف الانسانية ، وهي تبحث في خمسة حقول اساسية هي : نظرية المعرفة ، علم المنطق ، الميتافيزيقيا ، الاخلاق ، الجمال ، ولها عدة تيارات ومذاهب فلسفية منها ، المثالية ، العقلية ، البرجماتية ، الوجودية … الــخ
المحور الثاني : موقف الفلسفة من المرأة عبر التاريخ ، بما ان الفلسفة موطنها اليونان فلا بد ان نبدأ بموقف الشاعرين اليونانين ( هوميروس وهزيود ) والذي امتاز بالعدائية والكراهية للمرأة وهذا ما نجده في ( الاعمال والايام ) و ( انساب الالهة ) لهوميروس والاوذيسة ويستمر حال المرأة في الموقف الكلاسيكي فتبقى وظيفتها مربية بيت وتدبير المنزل وهو ما اكد عليه الفيلسوف اكسونوفان في كتابه الاقتصاد المنزلي.
ثم نجد مواقف متذبذبة ومتناقضة للفيلسوف سقراط وان كان اكثر تجددا واحتراماً للمرأة وهذا ما نجده على سبيل المثال في محاورة المأدبة لأفلاطون وهي حال لسان سقراط والتي يقول فيها (( ان طبيعة النساء ليست ادنى من طبيعة الرجال على الاطلاق )) ثم نجده مرة اخرى يقول (( كل ما ينقص المرأة وتحتاج اليه هي القوة والحكم )) ثم يقول في محاورة فيدون (( الفضيلة واحد عند المرأة والرجل ولا فرق بينهما )) ولعل هذا حال لسان افلاطون ايضاً وربما تعبر عن رأيه لانه هو الذي كتب الجمهورية وفيدون وبروتوغوراس … الــخ
اما موقف ارسطو كان اكثر تشدداً من سقراط وافلاطون وربما يهبط بالمرأة الى منزلة ادنى من الموجود البشري ويعدها اقل ذكاءاً وعقلاً من الرجال.
ولم تكن الفلسفة في العصر الوسيط افضل من الفلسفة اليونانية في موقفها من المرأة حيث نجد ان السلطة الدينية والمدنية اجمعت غلى كراهية المرأة وان جاءت بأفكار جديدة وانسانية وهذا ما نجده الفلاسفة القديسين من امثال القديس اوغسطين وتوما الاكويني ولكن في النتيجة نجد موقفهم سلبي من المرأة ، نعم ورثة المسيحية عن اليهودية نظرتها الى المرأة بالاستخفاف بعقلها وعواطفها وانفعالاتها.
اما في الفلسفة الحديثة والمعاصرة ، تعددت المذاهب والتيارات وبالتالي اختلفت المواقف اتجاه المرأة بين مهاجم ومدافع عنها ، فهاجمها كل من الفلاسفة جون لوك ، مونتيسيكو ، عمانؤيل كانت ، كيركجارد ـ شوبنهور ، نيتشة ، فيما انصفا كل من الفلاسفة جون ستيورت مل ، مارتن هايدجر ، كارل ماركس ، جان بول سارتر.
المحور الثالث : نساء فلاسفة ، اقول على الرغم مما تقدم من اضطهاد للمرأة وعدم انصافها من قبل المؤرخين الا اننا وجدنا نساء فلاسفة عبر التاريخ كان لهن اثراً بارزاً في رفد الساحة الفلسفية والفكرية والسياسية بالأفكار الانسانية المهمة.
نجد في الفلسفة الفيثاغورية عدة فيلسوفات من اهمهن تيانو زوجة الفيلسوف فيثاغورس والتي كان لها دوراً في تحليل مقولة فيثاغورس العالم عدد ونغم وابنتها اريجنوت صاحبة كتاب اسرار الالهة وابنتها الصغيرة مييا صاحبة كتاب التناغم والتألف في حياة المرأة ، ومن الفيثاغورية المتأخرة نجد الفيلسوفة ايزارا اللوكانية صاحبة كتاب الطبيعة البشرية وفينتس الاسبارطية صاحبة كتاب الاعتدال عند النساء وبريكتيوني مؤلفة كتاب سوفياس واسبازيا معلمة الخطابة وديوتيما معلمة سقراط وهباشيا فيلسوفة الاسكندرية وروزا كوسمبرج الفيلسوفة الالمانية الاشتراكية والفيلسوفة الانجليزية ماركرين كافنديس التي كتبت في الفلسفة الطبيعية وكرستيانا فازا ملكة السويد المشهورة وتلميذة ديكارت والفيلسوفة آن فينتش كونواي صاحبة فكرة المونادا عند الفيلسوف لايبنتز.
اما في القرن العشرين فنجد اسماء لامعة من امثال : عالمة المنطق الانجليزية سوزان ستبيخ وفيلسوفة الجمال الامريكية سوزان لانجر والفيلسوفة الالمانية حنا اردنت والفيلسوفة الوجودية الفرنسية سيمون دي بفوار التي شغلتها حرية المرأة وحقوقها ومن مؤلفاتها الجنس الاخر ، ونحو اخلاق وجودية.
وقد انصف الاسلام المرأة وقدم لنا نساء عظيمات لا يغلب عليهن الانفعال والعاطفة والتهور وهذا ما نجده في القرآن الكريم في صورة النمل على لسان ( بلقيس ) ملكة سبأ عندما تلقت كتاب سليمان الحكيم فهي لا تسرع في الرد ولا تتهور ولا تنفعل بل تدعوا القوم للتشاور قبل اقدامها على اتخاذ اي قرار خطير يمس المملكة بأسرها ولعل هذا اكبر جواب ودليل على الذين اتهموا النساء بالرقة والعاطفية والانفعال وليس لهن القدرة على التفكير المجرد والجواب والدليل الاخر ما نجده في الساحة السياسية من قوة عقل المرأة بنجاحها الباهر في هذا المجال وتفوقت على الرجل في حالات كثيرة ودليلنا على ذلك العصر الفكتوري نسبة للملكة فكتوريا لقوتها وحكمتها في انجلترا ومواطنتها مارجريت تاتشر المرأة الحديدية الحديدية وبنظيربوتو في باكستان واكينو في الفلبين وانديرا غاندي ونجاح كوندا ليزا رايز وهلاري كلنتون في السياسة الخارجية الامريكية وحكمة ميركل الالمانية.
نعم اثبتت المرأة اسهاماتها في كل المجالات حتى في حقل الدراسات الفلسفية الذي يعد اعلى درجات التجريد وهذا دليل على قدرة عقلها وقوته الذي لا يقل في قدرته عن عقل الرجل لكن سيطرة الرجل وطغيانه والعمل على اسعباد المرأة وتقييد حريتها منعها من ابراز دورها الحقيقي.
التوصيات
توعية افراد المجتمع بضرورة مشاركة المرأة في عملية التنمية والايمان بمساواتها مع الرجل.
عدم الاستهانة بالقدرات العقلية للمرأة لان التاريخ اثبت لنا قوة ورجاحة عقلها.
افساح المجال لها لممارسة جميع الانشطة والعمل في مختلف المجلات السياسية والفكرية والثقافية لتثبت للمجتمع انها تمتاز بالذكاء والقوة الشجاعة.
ضرورة اصدار اللوائح والقوانين التي تعنى بالمرأة وتحميها من الاضطهاد والعنف وتحفظ حقوقها.
احترام المرأة وعدم تقييد حريتها ومعاملتها معاملة انسانية واخلاقية قبل كل شيء.
ضرورة تمكين المرأة في الحصول على فرصتها التعليمية بما يكفل تحقيق التكافل مع الرجل.
توعية افراد المجتمع توعية دينية حتى لا يستغل الدين استغلال خاطئاً للتقليل من شأن المرأة او الزوجة.
حث المؤسسات الاعلامية على الاهتمام بعيد المرأة وابراز اهميته على مختلف الصعد.
هذا وحضر الندوة جمع من اساتذة الكلية وطلبة الدراسات العليا والضيوف الكرام .
